ولما أتم ما أراد سبحانه من أمور المحسنين من ذرية إبراهيم عليه السلام المرسلين إلى ذريته في التسلية، والترجية وقدمهم لأن المنة عليهم منه عليه، والإنسان بابنه أسر منه بقريبه، وهم الذين أظهر الله بهم وما ترك عليه، من لسان الصدق في الآخرين.
أتبعهم قصة ابن أخيه مع أهل بلاد الأردن من غير قومهم، فقال مؤكداً للتنبيه على نصر المؤمنين وإن كانوا في القلة والذلة على حال لا يظن انجباره وتكذيباً لليهود المكذبين برسالته أو الشاكين فيها :﴿وإن لوطاً﴾ أي الذي جرد نفسه من مألوفها من بلاده وعشائره بالهجرة مع عمه إبراهيم عليهما السلام ﴿لمن المرسلين*﴾ ولما كان
٣٣٩
جل المقصود تبشير المؤمنين وتحذير الكافرين، وكان مخالفه كثيراً، وكان هو غريباً بينهم، قال في مظهر العظمة :﴿إذ نجيناه﴾ أي على ما لمخالفيه من الكثرة والقوة، ولم يذكرهم لأنهم اكثر الناس انغماساً في العلائق البشرية والقاذورات البهيمية التي لا تناسب مراد هذه السورة المنبني على الصفات الملكية ﴿وأهله أجمعين*﴾ ولما كان الكفر قاطعاً للسبب القريب كما أن الإيمان واصلاً للسبب البعيد قال :﴿إلا عجوزاً﴾ أي وهي امرأته فإن كفرها قطعها عن الدخول في حكم أهله فجردوا عنها، كائنة ﴿في الغابرين*﴾ أي الباقين في غبرة العذاب ومساءة الانقلاب.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٣٩
ولما ذكر نجاته وابتدأ بها اهتماماً بالترجية قال مخوفاً معبراً بأداة البعد إفادة مع الترتيب لعظيم رتبة ما دخلت عليه :﴿ثم دمرنا﴾ أي أهلكنا بما لنا من العظمة ﴿الآخرين*﴾ أي فجردنا الأرض من قاذوراتهم ونزهنا البلاد المقدسة منهم ومن أرجاس فعلاتهم، فلم نبق منهم أحداً ولا احتجنا في إهلاكهم إلى استئذان أحد.