ولما كان العدد الكثير لا يمكن ناظره الوقوع فيه على حقيقة عدده، بل يصير - وإن أثبت الناس نظراً - يقول : هم كذا يزيدون قليلاً أو ينقصونه، وتارة يجزم بأنهم لا ينقصون عن كذا، وأما الزيادة فممكنة، وتارة يغلب على ظنه الزيادة، وهو المراد هنا، قال :﴿أو يزيدون*﴾ لأن الترجية في كثرة الأتباع أقر للعين وأسر للقلب، وإفهاماً لأن الزيادة واقعة، وهؤلاء المرسل إليهم هم أهل نينوى وهم من غير قومه، فإن حدود أرض بني إسرائيل الفرات، ونينوى من شرقي الفرات بعيدة عنه جداً.
ولما تسبب عن إيتانه إليهم انشراح صدره بعد ما حصل له من الضيق الذي أوجب له ما تقدم قال :﴿فآمنوا﴾ أي تجرديداً لأنفسهم من الحظوظ النفسانية ولحوقاً بالصفات الملكية.
ولما كان إيمانهم سبب رفع العذاب الذي كان أوجبه لهم كفرهم قال :﴿فمتعناهم﴾ أي ونحن على ما نحن عليه من العظمة لم ينقص ذلك من عظمتنا شيئاً ولا زاد فيها ﴿إلى حين*﴾ أي إلى انقضاء آجالهم التي ضربناها لهم في الأزل.
﴿
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٤٢
ذكر قصة يونس عليه السلام من سفر الأنبياء﴾
قال مترجمه : نبدأ بمعونة الله وقوته بكتب نبوة يونان بن متى النبي : كانت كلمة الرب على يونان بن متى، يقول له : قم فانطلق إلى نينوى المدينة العظيمة وناد فيها بأن شرارتكم قد صعدت قدامي، وقام يونان ليفر إلى ترسيس من قدام الرب، وهبط إلى يافا ووجد سفينة تريد تدخل إلى ترسيس فأعطى الملاح أجرة ونزلها ليدخل معهم إلى
٣٤٣


الصفحة التالية
Icon