ولما كان ذكر هذا ربما أوهم شيئاً في مقامه ﷺ، سيق في أسلوب التأكيد قوله :﴿وإن له﴾ أي مع الغفران، وعظم ذلك بمظهر العظمة لأن ما ينسب إلى العظيم لا يكون إلا عظيماً فقال :﴿عندنا﴾ وزاد في إظهار الاهتمام بذلك نفياً لذلك الذي ربما مرجع في كل ما يؤمل من الخير، وفرق ذلك، وأدل دليل على ما ذكرته - أن هذه الفتنة إنما هي بالتدريب في الحكم لا بامرأة ولا غيرها وأن ما ذكروه من قصة المرأة باطل الاستثمار منها صارفاً القول عن مظهر العظمة إلى المواجهة بلذيذ الخطاب، على نحو ما يجري بين الأحباب ﴿يا داود﴾.
ولما كان مضمون الخبر لزيادة عظمة مما من شأنه أن تستنكره نفوس البشر، أكده لذلك وإظهاراً لأنه مما يرغب فيه لحسنه وجميل أثره وينشط غاية النشاط لذكره فقال :﴿إنا﴾ أي على ما لنا من العظمة ﴿جعلناك﴾ فلا تحسب لشيء من أسبابه حساباً ولا تخش له عاقبة ﴿خليفة﴾ أي من قبلنا تنفذ أوامرنا في عبادنا فحكمك حكمنا، وحذف ما يعلم أنه مراد من نحو ﴿قلنا﴾ إشارة إلى أنه استقبل بهذا الكلام الألذ عند فراغه من السجود إعلاماً بصدق ظنه، وقال :﴿في الأرض﴾ أي كلها بهذا الكلام الألذ عن فراغه من السجود إعلاماً بصدق ظنه، وقال :﴿في الأرض﴾ أي كلها إشارة إلى إطلاق أمره في جميعها، فلا جناح عليه فيما فعل في أي بلد أرادها، ولم يذكر المخلوف تعظيماً له بالإشارة إلى أن كل ما جوزه العقل فيه فهو كذلك فهو كان خليفة في بيت المقدس بالفعل على ما اقتضاه صريح الكلام بالتعبير بفي، وأشار الإطلاق والتعبير بآل إلى أنها خليفة في جميع الأرض بالقوة بمعنى أنه مهما حكم فيها صح، وذلك أن النبي ﷺ كان يرسل إلى قومه خاصة فيكون ما يؤديه إليه واجباً عليه، وأما بقية الناس فأمره معهم
٣٧٧


الصفحة التالية
Icon