ولما كان هذا - وهو منابذة الحكمة - عظيماً جداً، عظمه بقوله :﴿ذلك﴾ أي الأمر البعيد عن الصواب ﴿ظن الذين كفروا﴾ أي من أوقع هذا الظن في وقت ما، فقد أوجد الكفر لأنه جحد الحكمة التي هي البعث لإظهار صفات الكمال والمجازاة بالثواب والعقاب، ومن جحد الحكمة فقد سفه الخالق، فكان إقراره بأنه خالق كلا إقرار فكان كافراً به، ثم سبب عن هذا الظن قوله :﴿فويل﴾ أي هلاك عظيم بسبب هذا الظن، وأظهر في موضع الإضمار تعميماً وتعليقاً للحكم بالوصف فقال :﴿للذين كفروا﴾ أي مطلقاً بهذا الظن وبغيره ﴿من﴾ أي مبتدأ من ﴿النار*﴾ أي الحكم عليهم بها.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٧٩
ولما كان التقدير : أفنحن نخلق ذلك باطلاً ؟ فلا يكون له مآل يظهر فيه حكمته ونحن منزهون عن العبث، عطف عليه قوله إنكاراً لما يلزم من ترك البعث من التسوية بين ما حقه المفاوتة فيه، وذلك أشد من العبث وإن كان له أن يفعل ذلك لأنه لا يقبح منه شيء :﴿أم نجعل﴾ أي على عظمتنا ﴿الذين آمنوا﴾ أي امتثالاً لأوامرنا ﴿وعملوا﴾ أي تصديقاً لدعواهم الإيمان ﴿الصالحات﴾ من الأعمال كالذين أفسدوا وعملوا السيئات
٣٨٠


الصفحة التالية
Icon