ولما كان كل أحد مأموراً بأن ينتبه بكل ما يرى ويسمع على ما وراءه ولم يكن في وسع كل أحد الوصول إلى النهاية في ذلك، قتع منهم بما دونها فأدغمت تاء التفعل في فاء الكلمة إشارة إلى ذلك كما تشير إليه قراءة أبي جعفر، وربما كانت قراءة الجماعة إشارة إلى الاجتهاد في فهم خفاياه - والله أعلم.
ولما كان السياق للذكر، وأسند إلى خلاصة الخلق، وكان استحضار ما كان عند الإنسان وغفل عنه لا يشق لظهروه، أظهر التاء حثاً على بذل الجهد في إعمال الفكر والمداومة على ذلك فإنه يفضي بعد المقدمات الظنية إلى أمور يقينية قطعية إما محسوسة أولها شاهد في الحس فقال :﴿وليتذكر﴾ أي بعد التدبر تذكراً عظيماً جلياً - بما أشار إليه الإظهار ﴿أولوا الألباب*﴾ أي كل ما أرشد إليه مما عرفه الله لهم في أنفسهم أو غيرها، لا يخرج شيء مما في القرآن عن النظر إلى شيء معلوم لهم بحس أو غيره في أنفسهم أو غيرها، لا يخرج شيء مما في القرآن عن النظر إلى شيء معلوم للإنسان لا نزاع له فيه أصلاً، ولكن الله تعالى يبديه لمن يشاء ويخفيه عمن يشاء ﴿سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم﴾ [فصلت : ٥٣] وأظهره فإنه مركوز في طبع في طبع كل أحد أن الرئيس لا يدع من تحت يده بغير حساب أصلاً.


الصفحة التالية
Icon