ولما كانت إصابته لما يشاء ملازمة لإرادته، عبر بها لأنها المقصود بالذات فقال :﴿حيث أصاب*﴾ أي أراد إصابة شيء من الأشياء، وقد جعل الله لنبينا ﷺ أعظم من ذلك وهو أن العدو يرعب منه إلى مسيرة شهر من جوانبه الأربعة فيه أربعة أشهر ﴿والشياطين﴾ أي الذين عندهم خفة الريح مع الاقتران بالروح سخرناهم له ؛ ثم نبه على منفعتهم بالإبدال منهم فقال :﴿كل﴾ وعبر ببناء المبالغة في سياق الامتنان فقال :﴿بناء وغواص*﴾ أي عظيم في البناء صاعداً في جو السماء والغوص نازلاً في أعماق الماء، يستخرج الدر وغيره من منافع البحر.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٨٣
ولما دل على مطلق تسخيرهم، دل على أنه قهر وغلبة كما هو شأن أيالة الملك وصولة العز فقال :﴿وآخرين﴾ أي سخرناهم له من الشيطاطين حال كونهم ﴿مقرنين﴾ بأمره إلى من يشاكلهم أو مقرونة أيديهم بأرجلهم أو بأعناقهم، وعبر به مثقلاً
٣٨٦
دون " مقرونين " مثلاً إشارة إلى شدة وثاقهم وعظيم تقرينهم.


الصفحة التالية
Icon