ولما قدم أن لأهل الطاعة فاكهة وشراباً، وكان ما وصف به مأوى العصاة لا يكون إلا عذاباً، وكان مفهماً لا محالة أن الحرارة تسيل من أهل النار عصارة من صديد وغيره قال :﴿هذا﴾ أي العذاب للطاغين ﴿فليذوقوه﴾ ثم فسره بقوله :﴿حميم﴾ أي ماء حار، وأشار بالعطف بالواو إلى تمكنه في كل من الوصفين فقال :﴿وغساق*﴾ أي سيل منتن عظيم جداً بارد أسود مظلم شديد في جميع هذه الصفات من صديد ونحوه وهو في قراءة الجماعة بالتخفيف اسم كالعذاب والنكال من غسقت عينه، أي سالت، وغسق الشيء، أي امتلأ، ومنه الغاسق للقمر لامتلائه وكماله، وفي قراءة حمزة والكسائي وحفص بالتشديد صفة كالخباز والضراب، تشير إلى شدة أمره في جميع ما استعمل فيه من السيلان والبرد والسواد.
٣٩٦
ولما كان في النار - أجارنا الله منها بعفوه ورحمته - ما لا يعد من أنواع العقاب، قال عاطفاً على هذا، ﴿وآخر﴾ أي من أنواع المذوقات - على قراءة البصريين بالجمع لأخرى، ومذوق على قراءة غيرهما بالإفراد، وهو حينئذ للجنس، وأخبر عن المبتدأ بقوله :﴿من شكلة﴾ أي شكل هذا المذوق ولما كان المراد الكثرة في المعذبين وهم الطاغون وفي عذابهم مع افتراقه بالأنواع وإن اتخذ في جنس العذاب، صرح بها في قوله :﴿أزواج*﴾ أي هم أو هي أو هو، أي جنس عذابهم أنواع كثيرة.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٩٤


الصفحة التالية
Icon