ولما كان الرخاء محقاً، وهو أكثر من الشدة، عبر بأداة التحقق، فقال منبهاً بالتعبير بـ " خول " على أن غطاءه ابتداء فضل منه لا يستحق أحد عليه متمكناً ابتداء، وجعله حسن القيام عليه قادراً على إجادة تعهده ﴿نعمة منه﴾ ومكنه فيها ﴿نسي﴾ أي مع دعائه أن يشكر على الإحسان، فكانت مدة تخويله ظرف نسيانه، فعلم أن صلاحه بالضراء ﴿ما﴾ أي الأمر الذي ﴿كان يدعوا﴾ ربه على وجه الإخلاص ﴿إليه﴾ إلى كشفه من ذلك الضر الذي كان، وأعلم بتقارب وقتي النسيان والإنابة بإثبات الجار فقال :﴿من قبل﴾ أي قبل حال التخويل بتقارب وقتي النسيان والإنابة بإثبات الجار فقال :﴿لله﴾ أي الذي لا مكافئ له بشهادة الفطرة والعقل والسمع ﴿أنداداً﴾ أي لكونه يتأهلهم، فينزلهم بذلك منزلة من يكون قادراً على المعارضة والمعاندة، فقد علم من التعبير بالنسيان أنه عالم بربه، ولذلك دعاه في كشف ضره وأنه جعل علمه عند الإحسان إليه جهلاً، فكان كمن لا يعلم من سائر الحيوانات العجم.
ولما كان ذلك في غاية الضلال، لكونه - مع أنه خطأ - موجباً لقطع الإحسان وعدم الإجابة في كشف الضر مرة أخرى وكانوا يدعون أنهم أعقل الناس، وكان هذا
٤٢٥
الضلال في غاية الظهور، وكان العاقل لا يفعل شيئاً إلا لعلة، عظمهم تهكماً بهم عن أن يكونوا ضلوا هذا الضلال الظاهر من غير قصد إليه، فقال مشيراً إلى ذلك كله :﴿ليضل﴾ أي بنفسه عند فتح الياء، ويضل غيره عند من ضمها ﴿عن سبليه﴾ أي الطريق الموصل إلى رضوانه، الموجب للفور بإحسانه.


الصفحة التالية
Icon