ولما نفى صلاحية أصنامهم لهذا الأمر، أشار إلى نفيه عما سواه بقصر الأمر عليه فقال :﴿قل الله﴾ أي المحتوي على صفات الكمال وحده ﴿الشفاعة﴾ أي هذا الجنس ﴿جميعاً﴾ فلا يملك أحد سواه منها شيئاً لكنه يأذن إن شاء فيما يريد منها لمن لمن يشاء من عباده.
ولما كان كل من سواه ملكاً له، وكان من المقرر أن المملوك لا يصح أن يملك شيئاً يملكه سيده، لأن الملكين لا يتواردان على شيء واحد من جهة واحدة، علل ذلك بقوله :﴿له﴾ أي وحده ﴿ملك السماوات والأرض﴾ أي التي لا تشاهدون من ملكه سواهما والشفاعة من ملكهما.
ولما كان المملوك ملكاً ضعيفاً قد يتغلب على مالكه فيناظره فيتأهل للشفاعة عنده، نفى ذلك في حقه سبحانه بقوله دالاًّ على عظمة القهر بأداة التراخي فقال :﴿ثم إليه﴾ أي لا إلى غيره ﴿ترجعون*﴾ معنى في الدنيا بأن ينفذ فيكم جميع أمره وحساً ظاهراً ومعمى في الآخرة.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٥٣
ولما نفى صلاحية الوكالة على الناس في الهدى والضلال لغيره ودل على ذلك بملكه وأخبر بتعمدهم الباطل، أنتج ذلك وجب اللجاء إليه والإعراض عما سواه وقصر العزم عليه فقال معلماً بذلك لما يقال غند مخالفة الداعي باتباع الهوى :﴿قل﴾ أي يا من نزل عليه الكتاب فلا يفهم عنا حق الفهم غيره راغباً إلى ربك في أن ينصرك عليهم في الدنيا والآخرة :﴿اللهم﴾ أي يا الله، وهذا نداء محض ويستعمل أيضاً على نحوين آخرين - ذكرهما ابن الخشاب الموصلي في كتابه النهاية شرح الكفاية - أحدهما أن تذكر لتمكين الجواب في نفس السائل كما قال النبي ﷺ لضمام بن ثعلبة
٤٥٦
رضي الله عنه حيث قال "الله أمرك أن تصلي الصلوات الخمس" فقال : اللهم نعم - إلى آخر ما قاله له، وسره أن المسؤول إذا ذكر الله في جوابه.


الصفحة التالية
Icon