ولما دل على عظيم قدره بعض ما يكون يوم القيامة، أتبعه ما لا يحتمله القوي من أحوال ذلك اليوم دليلاً آخر، فقال دالاً على عظيم قدرته وعزه وعظمته بالبناء للمفعول :﴿ونفخ في الصور﴾ أي القرن العاطف للأشياء المقبل بها نحو صوته المميل لها عن أحوالها العالي عليها في ذلك اليوم بعد بعث الخلائق وهي النفخة الأولى بعد البعث التي هي بعد نفختي الموت والبعث المذكورتين في سورة يس، والمراد بها - والله أعلم - ألقاء الرعب والمخافة والهول في القلوب أظهاراً للعظمة وتردياً بالكبرياء والعز في عزة يوم المحشر ليكون أول ما يفجأهم يوم الدين ما لا يحتمله القوي، ولا تطيقه الأحلام والنهى، كما كان آخر ما فجأهم يوم الدنيا وإن افترقا في التأثير، فإن ذلك أثرت الموت، وهذه أثرت الغشي لأنه لا موت بعد البعث، وهي الثالثة من النفخات
٤٧٠
﴿فصعق﴾ أي مغشياً عليه ﴿من في السماوات﴾ ولما كان المقام التهويل، وكان التصريح أهول، أعاد الفاعل بلفظه فقال :﴿ومن في الأرض﴾.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٧٠


الصفحة التالية
Icon