ولما كان له سبحانه أن يفعل ما يشاء من تعذيب الطائع وتنعيم العاصي وغير ذلك، قالوا منبهين على ذلك :﴿فاغفر للذين تابوا﴾ أي رجعوا إليك عن ذنوبهم برحمتك لهم بأن تمحوا أعيانها وآثارها، فلا عقاب ولا عتاب ولا ذكر لها ﴿واتبعوا﴾ أي كلفوا أنفسهم على ما لها من العوج أن لزموا ﴿سبيلك﴾ المستقيم الذي لا لبس فيه.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٨٥
ولما كان الغفران قد يكون لبعض الذنوب، وكان سبحانه له أن يعذب من لا ذنب له، وأن يعذب من غفر ذنبه قالوا :﴿وقهم عذاب الجحيم*﴾ أي اجعل بينهم وبينه وقاية بأن تلزمهم الاستقامة وتتم نعمتك عليهم، فإنك وعدت من كان كذلك بذلك، ولا يبدل القول لديك، وإن كان يجوز أن تفعل ما تشاء.
٤٨٨
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٨٥
ولما كانت النجاة من العذاب لا تستلزم الثواب، قالوا مكررين صفة الإحسان زيادة في الرقة في طلب الامتنان :﴿ربنا﴾ أي أيها المحسن إلينا بتوفيق أحبابنا الذين لذذونا بالمشاركة في عبادك بالجنان واللسان والأركان ﴿وأدخلهم جنات عدن﴾ أي إقامة لا عناد فيها.
ولما كانوا عالمين بأن سبحانه لا يجب عليه لأحد شيء ولا يقبح منه شيء، نبهوا على ذلك بقولهم :﴿التي وعدتهم﴾ مع الزيادة في التملق واللطافة في الحث وإدخالهم لأجل استعمالك إياهم الصالحات.
ولما كان الإنسان لا يطيب له نعيم دون أن يشاركه فيه أحبابه الذين كانوا يشاركونه في العبادة قالوا مقدمين أحق الناس بالإجلال :﴿ومن صلح من آبائهم﴾ ثم أتبعوهم ألصقهم بالبال فقالوا :﴿وأزواجهم وذرياتهم﴾.


الصفحة التالية
Icon