ولما كانت الأحوال المنظور فيها المعتبر بها شديدة الغرابة، نبه عليها بقوله :﴿كيف﴾ أي أنها أهل لأن يسأل عنها، ونبه على أن التصاقها بهم في غاية العراقة بحيث لا انفكاك لها بقوله :﴿كان عاقبة﴾ أي آخر أمر ﴿الذين كانوا﴾ أي سكاناً للأرض عريقين في عمارتها.
ولما كان المنتفع بالوعظ يكفيه أدنى شيء منه، نبه على ذلك بالجار فقال :﴿من قبلهم﴾ أي قبل زمانهم ﴿كانوا﴾ ولما كان السياق لمجادلة قريش لإدحاض الحق مع سماعهم لأخبار الأولين، كانوا كأنهم ادعوا أنهم أشد الناس، فاقتضى الحال تأكيد الخبر بأن الأولين أشد منهم، فأكدر أمرهم فيما نسبه إليهم معبراً بضمير الفصل بقوله :﴿هم﴾ أي المتقدمون، لما لهم من القوى الظاهرة والباطنة.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٥٠٢
ولما كان مرجع المجادلة القوة لا الكثرة، وقال استئنافاً في جواب من لعله يقول : ما كان أمرهم ؟ :﴿أشد منهم﴾ أي هؤلاء - قرأه ابن عامر ﴿منكم﴾ بالكاف كما هو في مصحف أهل الشام على الالتقاف للتنصيص على المراد ﴿قوة﴾ أي ذواتاً ومعاني ﴿و﴾ أشد ﴿آثاراً في الأرض﴾ لأن آثارهم لم يندرس بعضها إلى هذا الزمان وقد مضى عليها ألوف من السنين، وأما المتأخرون فتطمس آثارهم في أقل من قرن.
ولما كانت قوتهم ومكنتهم سبباً لإعجابهم وتكبرهم على أمر ربهم ومخالفة
٥٠٣


الصفحة التالية
Icon