ولما أتى بكلام الضعفاء على الأصل، وإشارة مع تصوير الحال لأنه أقطع إلى طول خصامهم لأنه أشد في إيلامهم، فتشوف السامع إلى جوابهم، استأنف الخبر
٥٢١
عنه بصيغة الماضي تأكيداً لتحقيق وقوعه رداً قد يتوهمه الضعيف من أن المستكبر له قوة المدافعة وإباء الأنفة فقال :﴿قال الذين استكبروا﴾ أي من شدة ما هم فيه.
ولما كان الأتباع قد ظنوا أن المتبوعين يغنون عنهم، أكدوا إخبارهم لهم بما ينافي ذلك فقالوا :﴿إنّا كل﴾ أي كلنا كائنون ﴿فيها﴾ أي النار، كل يناله من العذاب بقدر ما يستحقه سواء إن جادلتمونا أو تركتم جدالنا ولا يظلم بك أحداً، فلة قدرنا على شيء لأغنينا عن أنفسنا، ولو سألنا أو ننقص لما أجبنا.
فإن هذه دار العدل فاتركونا وما نحن فيه.
ولما كان حكم الله تعالى مانعاً مما كان يفعل في الدنيا من فك المجرم وإيثاق غيره به، وكان سؤالهم في الإغناء سؤال من يجوز أن يكون حكمه على ما عليه الأحكام من حكام أهل الدنيا، عللوا جوابهم مؤكدين فقالوا :﴿إن الله﴾ أي المحيط بأوصاف الكمال ﴿قد حكم بين العباد*﴾ أي بالعدل، فأدخل أهل الجنة دارهم، وأهل النار نارهم، فلا يغني أحد عن أحد شيئاً.
ولما دل على أنه لا يغني أحد عن أحد شيئاً، أخبر انهم لما رأوا بعدهم من الله وأنهم ليسوا بأهل لدعائه سبحانه، علقوا آمالهم بتوسط الملائكة، فأخبر عن ذلك منهم بقوله :﴿وقال الذين في النار﴾ أي جميعاً الأتباع والمتبوعون ﴿لخزنة﴾ ووضع موضع الضمير قوله :﴿جهنم﴾ للدلالة على أن سؤالهم لأهل الطبقة التي من شأنها وشأن خزنتها تجهم داخليها ليدل على أنهم لسوء ما هم فيه لا يعقلون، فهم لا يضعون شيئاً في محله كما كانوا في الدنيا :﴿ادعوا ربكم﴾ أي المحسن إليكم بأنكم لا تجدون شيئاً في محله كما كانوا في الدنيا :﴿ادعوا ربكم﴾ أي المحسن إليكم بأنكم لا تجدون ألماً من النار ﴿يخفف عنه يوماً﴾ أي مقداره ﴿من العذاب*﴾ أي بعضه.


الصفحة التالية
Icon