ولما أنهى أمر صاعقتهم، شرع في بيان صاعقة ثمود فقال :﴿وأما ثمود﴾ وهم قوم صالح عليه الصلاة والسلام ﴿فهديناهم﴾ أي بينا لهم طريق الهدى من أنا قادرون على البعث وعلى كل شيء فلا شريك لنا، وكان بيان ذلك بالناقة غاية البيان فأبصروا ذلك بأبصارهم التي هي سبب أبصار بصائرهم غايه الإبصار، فكرهوا ذلك لما يلزمه من الناشئ عن عمى اليصر أو البصيرة أو هما معاً ﴿على الهدى﴾ أي أوجدوا من الأفعال والأقوال ما يدل على حب ذلك وعلى طلب حبه فعموا فضلوا، وقال القشيري : قيل :
٥٦٢
إنهم آمنوا وصدقوا ثم ارتدوا وكذبوا، فأجراهم مجرى إخوانهم في الاستئصال.
﴿فأخذتهم﴾ أي بسبب ذلك أخذ قسر وهوان ﴿صاعقة العذاب﴾ وأبلغ في وصفه بجعله نفس الهون فقال :﴿الهون﴾ أي ذي الهون، قامت ضمته مقام ما في الهون من الصيغة فعلم أن المراد المهين المخزي ﴿بما كانوا﴾ أي دائماً ﴿يكسبون*﴾ أي يتجدد تحصيلهم له وعدهم له فائدة، فالآية من الاحتباك : ذكر الهداية أولاً دليلاً على حذف الضلال ثانياً والعمى ثانياً دليلاً على حذف الإبصار أولاً، وسره أنه نسب إليه أشرف فعليه، وأسند إليهم ما لا يرضاه ذو الروح.
ولما أتم الخبر عن الكافرين من الفريقين، أتبعه الخبر عن مؤمنيهم بشارة لمن اتبع النبي ﷺ ونذارة لمن صد عنه فقال :﴿ونجينا﴾ أي تنجية عظيمة ﴿الذين آمنوا﴾ أي أوجدوا هذا الوصف ولو على أدنى وجوهه من الفريقين ﴿وكانوا﴾ أي كوناً عظيماً ﴿يتقون*﴾ أي يتجدد لهم هذا الوصف في كل حركة وسكون فلا يقدمون على شيء بلا دليل.


الصفحة التالية
Icon