أي أشخاصاً أمثالهم في الأخلاق والأوصاف أقوياء وهم كونهم شديدي الالتصاق بهم والإحاطة في غاية النحس والشدة في اللؤم والخبث واللجاجة فيما يكون به ضيق الخير واتساع الشر من غواة الجن والإنس ﴿فزينوا لهم﴾ أي من القبائح ﴿ما﴾ وعم الأشياء كلها فلم يأت بالجار فقال :﴿بين أيديهم﴾ أي يعلمون قباحته حتى حسنوه لهم فارتكبوه ورغبوا فيه ﴿وما خلفهم﴾ أي ما يجهلون أمره ولا يزالون في كل شيء يزينونه ويلحون فيه ويكررونه حتى يقبل، فإن التكرير مقرون بالتأثير، قال القشيري : إذا أراد الله بعبداً سوءاً قيض له إخوان سوء وقرناء سوء يحملونه على المخالفات ويدعونه إليها، وإذا أراد الله بعبد خيراً قيض له قرناء خير يعينونه على الطاعات ويحملونه عليها ويدعون إليها، ومن ذلك الشيطان، وشر منه النفس وبئس القرين، تدعو اليوم إلى ما فيه الهلاك وتشهد غداً عليه.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٥٦٥
ولما كان التقدير : فلم يدعوا قبيحة حتى ارتكبوها، عطف عليه قوله :﴿وحق﴾ أي وجب وثبت ﴿عليهم القول﴾ أي بدوام الغضب.
ولما كان هذا مما يوجب شدة أسفه ﷺ، خفف منه بقوله :﴿في﴾ أي كائنين في جلمة ﴿أمم﴾ أي كثيرة.
ولما عبر عنهم بما يقتضي تعظيمهم بأنهم مقصودون، حقرهم بمضير التأنيث فقال :﴿قد خلت﴾ أي لم تتعظ أمه منهم بالأخرى.
ولما كان الخلو قد يكون بالموت في زمانهم، بين أنه مما مضى وفات.


الصفحة التالية
Icon