ولما كانت أفعال أهل الأرض وأقوالهم عظيمة المخالفة لما يرضيه سبحانه فهم يستحقون المعاجلة بسببها، أجاب من كأنه قال : هذا يستجاب لهم في المؤمنين، فكيف يستجاب لهم في الكافرين ليجمع الكلام التهييب والتهويل في أوله والبشارة واللطف والتسير في آخره، فقال لافتاً القول عن صفة الإحسان إلى الاسم الأعظم تعريفاً بعظيم الأمر حملاً على لزوم الحمد وإدامة الشكر :﴿ألا إن الله﴾ أي الذي له الإحاطة بصفات الكمال، فله جميع العظمة، وأكد لأن ذلك لعظمة لا يكاد يصدق ﴿هو﴾ أي وحده، ورتب وصيفه سبحانه على أعلى وجوه البلاغة فبدأ بما أفهم إجابة الملائكة وأتبعه الإعلام بمزيد الإكرام فقال :﴿الغفور الرحيم*﴾ أي العام الستر والإكرام على الوجه الأبلغ أما لأهل الإيمان فواضح دنيا وآخرة، وأما لأهل الكفران ففي الدنيا فهو يرزقهم ويعافيهم ويملي لهم ﴿ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة﴾ [فاطر : ٤٥] وأما الله فلا يغفر لأهل معصيته، ولو أراد ذلك ما تمكن.
٦٠٠
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٥٩٣
ولما كان التقدير : فالذين تولوه وماتوا في ولا يته فهو يغفر ذنوبهم بمعنى أنه يزيلها عيناً وأثراً، عطف عليه قوله :﴿والذين اتخذوا﴾ أي عالجوا فطرهم الأولى وعقولهم حتى أخذوا ﴿من دونه﴾ أي من أدنى رتبة من رتبته ﴿أولياء﴾ يعبدونهم كالأصنام وكل من ابتع هواه في شيء من الأشياء، فقد اتخذ الشيطان الآمر له بذلك ولياً من دون الله بمخالفة أمره.