ولما كان الإنذار - وهو الإعلام بموضع المخافة - تارة يكون عما لا علم به، وهو الأغلب، وتارة عما وقع العمل به ثم خالف المنذر به علمه أعمال من لا علم له به، نبه على هذا من القسم الثاني بقوله في جملة حالية :﴿لا ريب فيه﴾ أي لأنه قد ركز في فطرة كل احد أن الحاكم إذا استعمل عبيده في شيء ثم تظالموا فلا بد له بما تقتضيه السياسة من جمعهم لينصف بينهم وإلا عد سفيهاً، فما ظنك بأحكم الحاكمين.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٦٠١
ولما تشوف السامع إلى ما يفعل في جمعهم، وكان الثقلان لما طبعوا عليه من النقصان أهل فرقة وطغيان، ذكر نهايته معبراً بما هو من الفرقة بقوله مسوغاً الابتداء بالنكرة للتفصيل أو تقرير الوصف :﴿فريق﴾ أي من المجموعين أهل فرقة تداركهم الله بأن جعلهم أهل جمع ﴿في الجنة﴾ فصلاّ منه وهم الذين قبلوا الإنذار وبالغوا في الحذار
٦٠٢
﴿وفريق﴾ أي منهم خذلهم الله ووكلهم إلى أنفسهم فزادوا في الفرقة ﴿في السعير*﴾ عدلاً منه، قال القشيري : كما أنهم في الدنيا فريقان : فريق في درجات الطاعة وحلاوات العبادات، وفريق في ظلمات الشرك وعقوبات الجحد والشك، فلذلك غذاهم فريقان : فريق هم أهل اللقاء، وفريق هم أهل البلاء والشقاء.


الصفحة التالية
Icon