الشدائد، بعضه تصريحاً من الوحدانية في الولاية والإحياء في هذه الدار والقدرة على كل شيء، وبعضه تصريحاً من الوحدانية في الولاية والإحياء في هذه الدار والقدرة على كل شيء، وبعضه لزوماً وهو الإحياء بالبعث، تسبب عن ذلك قطعاً أن بقال مع صرف القول إلى الخطاب إشارة إلى أنه تعالى قريب إليهم كل خير وقرب إليهم فهم الوحدانية لعقولهم بعد أن فطرهم على لزومها عند الاضطرار، فما اتفقتم فيه من أمره سبحانه فهو الحق، وذلك هو أصل الدين الذي أطبق عليه الخلائق في وقت الاضطرار، لم يتلعثم فيه منهم ضعيف، ولا جبار منيف، عطف عليه قوله :﴿وما اختلفتم﴾ أي أيها الخلق ﴿فيه من شيء﴾ وذلك هو الفروع مطلقاً والأصول في حال الرفاهية ﴿فحكمه إلى الله﴾ أي الذي هو الولي لا غيره وهو القدير لا غيره، فلا يخرج شيء عن أمره، فحصوا عنه تجدوه في كتابه لأنه فيه تبيان كل شيء، فإن قصرت أفهامكم عن إخراجه منه فاطلبوه في سنة نبيه ﷺ، فإن عز عليكم ففي إجماع أهل دينه، فإن أعوزكم ذلك فقي القياس على شيء من ذلك.
قال القشيري : هذه الأشياء هي قانون الشريعة، وجملتها من كتاب الله، فإن الكتاب هو الذي يدل على صحة هذه الجملة - انتهى.
وما اجتهدتم فيه على ما شرع لكم وفصلتموه بما ظهر لكم على حكم بذل الجهد مضى، وما لا فصله بينكم سبحانه في هذا اليوم أن أراد بنصر المحق وخذلان الظالم، وإن أراد إلى يوم الدين، فإن شاء عفا وإن شاء عاقب عليه، فلا حكم لغيره لا في الدنيا ولا في الآخرة.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٦٠٤
ولما أنتج هذا أنه لا عظيم غيره، ولا إله إلا هو، ترجم ذلك بقوله مخاطباً للكل :﴿ذلكم﴾ أي العظيم الرتبة جداً ﴿الله﴾ المحيط بجميع أوصاف الكمال، فلا شريك له في شيء منه بوجه ﴿ربي﴾ الذي لا مربي له غيره في ماضٍ ولا حال ولا استقبال.


الصفحة التالية
Icon