ولما كان الإعجاز خاصاً بنا، أبرزه في مظهر العظمة معبراً بالوحي، وبالأصل في الموصلات، ودالاً على زيادة عظمته بتقديمه على من كانوا قبله مع ترتيبهم عند ذكرهم على ترتيبهم في الوجود فقال :﴿والذي أوحينا إليك﴾ وأفرد الضمير زيادة في عظمته دلالة على أنه لا يفهمه حق فهمه غيره ﷺ، ودل على عظمه ما كان لإبراهيم وبنيه بما ظهر من آثاره بمظهر العظمة، وعلى نقصه عما إلى نبينا ﷺ بالتعبير بالوصية فقال :﴿وما وصينا﴾ أي على ما لنا من العظمة الباهرة التي ظهرت بها تلك المعجزات ﴿به إبراهيم﴾ الذي نجيناه من كيد نمرود بالنار وغيرها ووهبنا له على الكبر إسماعيل وإسحاق، وهو
٦٠٩
أعظم آباء العرب وهو يدعون أكبر بالآباء فليكونوا على ما وصيناه به ﴿وموسى﴾ الذي أنزلنا عليه التوراة موعظة وتفصيلاً لكل شيء ﴿وعيسى﴾ الذي أنزلنا عليه الإنجيل فيه هدى ونور وموعظمة، ودخرناه في سمائنا شريعة الخاتم الفاتح.
ولما اشتد تشوف السامع إلى الموحى الموصى به، أبرزه في أسلوب الأمر فقال مبدلاً من معمول " شرع " أو مستأنفاً :﴿أن أقيموا﴾ أي أيها المشروع لهم من هذه الأمة الخاتمة ومن الأمم الماضية ﴿الدين﴾ أي الذي عليه الخلائق بالرجوع إلى ما فطروا عليه وقت الاضطرار وهو التوحيد والوصف بجميع صفات الكمال على الإطلاق وغير ذلك من كل ما أرسل به رسله هذا على تقدير أن تكون ﴿أن﴾ مصدرية، ويجوز أن تكون مفسرة لتقدم ما هو بمعنى القول.