ولما ثبت بهذا زيغهم عن اوأمر الكتاب الآتي من الله، سبب عنه أمره ﷺ بإبلاغ الناس ما ينفعهم عن رسالة ربه الذي أنزل تلك الكتب في آية واحد مفصلة بعشر كلمات في كل كلمة منها حكم برأسه، قالوا : ولا نظير لها إلا آية الكرسي فإنها عشرة أصول كل أصل منها مستقل برأسه فقال مسبباً عن حالهم الاجتهاد في إزالتها والعمل
٦١٢
بضدها :﴿فلذلك﴾ أي لهذا الوحي العلي الرتبة الذي وصينا بمقاصده جميع الرسل أصحاب الشرائع الكبار من أولي العزم وغيرهم، أو لذلك التصرف المباعد للصواب والشك في أمر الكتاب.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٦١١
ولما كان سياق الدعوة للخلق إلى ما أوحى إليه فأنزل عليه، قدم قوله :﴿فادع﴾ إلى من أرسلك الله به من الاتفاق على ما أمر به الإله من الاجتماع على الملة الحنيفية.
ولما كان الداعي لغيره لا ينفع دعاءه لذلك الغير ما لم ينفع نفسه، قال :﴿واستقم﴾ أي اطلب القوم من ربك على مشاق الدعوة ليعينك عليه وأوجده على ما يدعو إليه كتابه مما تدعو إليه ويجب عليه ﴿كما أمرت﴾ ممن لا أمر لغيره في تفاصيل الدعاء من اللين والغلظة والتوسط وغير ذلك من تحديث الناس بما تحتمل عقولهم وتربيتهم على حسب ما ينفعهم.
ولما كان كل ما خالف كتابنا هوى، وكل ما خالف كتابنا فهو على مجرد الهوى، قال :﴿ولا تتبع﴾ أي تعمداً ﴿أهواءهم﴾ في شيء ما، فإن الهوى لا يدعو إلى خير، والمقصود من كل أحد أن يفعل ما أمر به لأجل أنه أمر به لا لأجل أنه يهواه.
ولما كانوا قد تفرقوا في الكتاب وشكوا فآمنوا ببعض وكفروا ببعض، أمره بما يخالف حالهم فقال :﴿وقل﴾ أي لجميع أهل الفرق، وكل من يمكن له القول فإنك أرسلت إلى جميع الخلق :﴿آمنت بما﴾ أي بكل شيء.