قال ابن كثير : وقد روي من طرق تبلغ درجة التواتر في الصحاح والحسان والسنن والمسانيد أن رجلاً سأل رسول الله ﷺ بصوت جهوري وهو في بعض أسفاره فناداه : يا محمد، فقال له النبي ﷺ بنحو من صوته " هاؤم " فقال : متى الساعة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه :"ويحك أنها كائنة فما أعددت لها ؟" فقال : حب الله ورسوله، فقال :" أنت مع من أحببت ".
قال ابن كثير : فقوله في الحديث "المرء مع من أحب" متواتر لا محالة، والغرض أنه لم يجبه عن وقت الساعة، بل أمره بالاستعداد لها - انتهى، وهو مشروط بالبراءة من أعداء الله بدليل قصة أبي طالب فإنه لم ينفعه حب الولي نفعاً تاماً بدون البراءة من العدو.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٦١٦
ولما أعلم بتعريف الحق أنها ثابتة كاملاً لا انقضاء له أصلاً ولا زوال لآثارها، أنتج قوله مؤكداً معظماً في مقابلة إنكارهم :﴿ألا إن الذين يمارون﴾ أي يظهرون شكهم في معرض اللجاجة لتسخرج ما عساه يكون فيها من اللبن ﴿في الساعة﴾ أي القيامة وما تحتوي عليه ﴿لفي ظلال﴾ أي ذهاب جائر عن الحق ﴿بعيد*﴾ جداً عن الصواب، فإن لها من الأدلة الظاهرة في العقل المؤيد بجازم النقل ما ألحقها حال غيابها بالمحسوسات لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً.