بشارة عند من خفف وبشارة كثيرة عند من ثقل، وزاد البشارة بالاسم الأعظم، فقال لافتاً القول إليه :﴿الله﴾ أي الملك الأعظم والعائد وهو " به " محذوف تفخيماً للمبشر به لأن السياق لتعظيمه بالبشارة وبجعلها بأداة البعد وبالوصف بالذي، وذكر الاسم الأعظم والتعبير بلفظ العباد مع الإضافة إلى ضميره سبحانه فأفهم حذفه أن الفعل واقع عليه واصل بغير واسطة إليه، فصار كأنه مذكور وظاهر ومنظور فقال :﴿عباده﴾ ومن المعلوم أن كل أحد يعظم من اختصه لعبوديته.
ولما أشعر بالإضافة لصلاحهم، نص عليه بقوله :﴿الذين آمنوا﴾ أي صدقوا بالغيب ﴿وعملوا﴾ تحقيقاً لإيمانهم ﴿الصالحات﴾ وذلك الذي مضى قلبه الذي ينذر به الذين كفروا.
ولما كانت العادة جارية بأن البشير لا بد له من حياء وإن لم يسأل لأن بشارته قائمة مقام السؤال، قال كعب بن مالك رضي الله عنه : لما أذن الله بتوبته علينا ركض نحوي راكض على فرس وسعى ساع على رجليه، فأوفى على جبل سلع ونادى : يا كعب بن مالك أبشر، فقد تاب الله عليك، فكان الصوت أسرع من الفرس، فلما جاءني الذي سمعت صوته خلعت له ثوبي، فدفعتهما إليه، والله ما أملك يومئذ غيرهما، واستعرت ثوبين فلبستهما - إلى آخر حديثه، كان كأنه قيل : ماذا تطلب على هذه البشارة، فأمر بالجواب بقوله :﴿قل﴾ أي لمن توهم فيك ما جرت به عادة المبشرين :﴿لا أسئلكم﴾ أي الآن ولا في مستقبل الزمان ﴿عليه﴾ أي البلاغ بشارة ونذارة ﴿أجراً﴾ أي وإن قل ﴿إلا﴾ أي لكن أسألكم ﴿المودة﴾ أي المحبة العظيمة الواسعة.