ولما كان التقدير حتماً : فمن يقترف سيئة فعيله وزرها، ولكنه طوى لأن المقام للبشارة كما يدل عليه ختم الآية مع سابقه، عطف عليه قوله :﴿ومن يقترف﴾ أي يكسب ويخالط ويعمل بجد واجتهاد وتعمد وعلاج ﴿حسنة﴾ أي ولو صغرت، وصرف القول إلى مظهر العظمة إشارة إلى أنه لا يزيد في الإحسان إلا العظماء، وإلى أن الإحسان قد يكون سبباً لعظمة المحسن فقال :﴿نزد﴾ على عظمتنا ﴿له فيها حسناً﴾ بما لا يدخل تحت الوهم، ومن الزيادة أن يكون له مثل أجر من اقتدي به فيها إلى يوم القيامة لا ينقص من أجورهم شيئاً، وهذا من أجر الرسل على إبلاغه إلى الأمم، فهم أغنياء عن طلب غيره - هذا إن اهتدوا به، وإن دعاهم فلم يهتدوا كان له مثل أجورهم لو اهتدوا، فإن عدم اهتدائهم ليس من تقصيره، بل قدر الله وما شاء فعل.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٦٢٠
ولما كانوا يقولون : إنا قد ارتكبنا من المساوئ ما لم ينفع معه شيء، قال نافياً لذلك على سبيل التأكيد معلىً مبيناً القول إلى الاسم الأعظم أن مثل ذلك لا يقدر عليه ملك غيره على الإطلاق :﴿إن الله﴾ أي الذي لا يتعاظمه شيء ﴿غفور﴾ لكل ذنب تاب منه صاحبه أو كان يقبل الغفران وإن لم يتب منه إن شاء، فلا يصدن أحداً سيئة عملها عن الإقبال على الحسنة.
ولما كان إثبات الحسنة فضلاً عن الزياة عليها لا يصح إلا مع الغفران، ولا يمكن أن يكون مع المناقشة، فذكر ذلك الوصف الذي هو أساس الزيادة، أفادها - أي الزيادة - بقوله :﴿شكور*﴾ فهو يجزي بالحسنة أضعافها ويترك سائر حقوقه.