ولما كانوا يعلمون أنه على حق وهم على باطل، وكان من أحاط علمه بشيء قدر على ما يريده من ذلك الشيء، بين ذلك بقوله معللاً على وجه التأكيد لأن عملهم عمل من يظن أن الله لا يعلم مكرهم :﴿إنه عليم﴾ أي بالغ ﴿بذات الصدور*﴾ أي ما هو فيها مما يعمله صاحبه ومما لا يعلمه فيبطل باطله ويثبت حقه وإن كره الخلائق ذلك ﴿ولتعلمن نبأه بعد حين﴾ [ص : ٨٨] ولقد صدق الله فأثبت ببركة هذا القرآن كل ما كان يقول ﷺ وأبطل بسيف هذا البرهان كل ما كانوا يخالفونه فيه، ومن أصدق من الله قيلاً.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٦٢٠
ر بضلالهم وجزم بإبطال أعمالهم، رغبهم رحمة منه لهم في التوبة التي هي من الحق الذي يحقه ولو على أقل وجوها بأن يقولوها بألسنتهم ليبلغه ذلك عنهم، فإن قول اللسان يوشك أن يدخل إلى لا غيره أزلاً وأبداً ﴿والذي يقبل التوبة﴾ كلما شاء بالغة له أو متجاوزاً ﴿عن عباده﴾ الذين خالصون لطاعته، سئل أبو الحسن البوشنجي عن التوبة فقال : إذا ذكرت الذنب فلا تجد له حلاوة في قلبك.
ولما كان القبول قد يكون في المستقبل مع الأخذ بما مضى قال :﴿ويعفو عن السيئات﴾
٦٢٧
أي التي كانت التوبة عنها صغيرة أو كبيرة وعن غيرها فلا يؤاخذ بها أن شاء لأن التوبة تجب ما قبلها كما أن الإسلام الذي هو توبة خاصة يجب ما كان قبله.
ولما كانت تعدية القبول بـ " عن " مفهمة لبلوغه ذلك بواسطة، فكان ربما اشعر بنقص في العلم، أخبر بما يوجب التنزيه عن ذلك ترغيباً وترهيباً بقوله :﴿ويعلم﴾ أي والحال أنه يعلم كل وقت ﴿ما تفعلون﴾ أي كل ما يتجدد لهم عمله سواء كان عن عاصم ورويس عن يعقوب بالخطاب لافتاً للقول عن غيب العباد لأنه أبلغ في التخويف وقرأ الباقون بالعيب نسقاً على العباد وهو، أعم وأوضح في المراد فعفوه عن سعة الحلم.