ولما أنكر عليهم فيما مضى اتخاذ ولي من دونه بقوله تعالى ﴿أم اتخذوا من دونه أولياء﴾ وأثبت أنه هو الولي، وتعرف إليهم بآثاره التي حوت أفأنين أنواره، وكانت كلها في غاية الكمال موجبة للحمد المتواتر المنوال، قال :﴿وهو﴾ أي وحده لا غيره ﴿الولي﴾ أي الذي لا أحد أقرب منه إلى عباده في شيء من الأشياء ﴿الحميد*﴾ أي الذي استحق مجامع الحمد مع أنه يحمد من يطيعه فيزيده من فضله ويصل حبله دائماً بحبله.
ولما كان ما مضى من بسط الرزق وقبضة، وإنزال الغيث وحبسه.
من الآيات العظمية، عمم بذكر ما ذلك بعض منه، وهو دال على جميع ما ختم به الأية السالفة من الحمد الذي هو الاتصاف بجميع صفات الكمال فقال عاطفاً على ما تقديره : فذلك من آيات الله الدالة على قدرته واختياره وإنه هو الذي يحيي هذا الوجود بالمعاني من روح الوحي وغيره تارة والأعيان من الماء وغيره أخرى :﴿ومن آياته﴾ العظيمة على ذلك وعلى استحقاقه لجميع صفات الكمال ﴿خلق السماوات﴾ التي تعملون أنها متعددة بما ترون من أمور الكواكب ﴿والأرض﴾ أي جنسها على ما هما عليه من الهيئات وما اشتملا عليه من المنافع والخيرات ﴿وما بث﴾ أي فرق بالأبدان والقلوب على هذا المنوال الغريب من الحس والحركة بالاختيار مع التفاوت في الأشكال، والقدور والهيئات والأخلاق وغير ذلك من النقص والكمال.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٦٢٧
ولما كانت الأرض بناء والسماء سقفه، فمن كان في أحدهما صح نسبته إلى أنه في كل منهما : الأسفل بالإقلال والأعلى بالإظلال قال تعالى :﴿فيهما﴾ أي السماوات والأرض ولا سيما وقد جعل لكل منها تسبباً في ذلك بما أوعهما من الجواهر وأنشأ عنهما من العناصر.


الصفحة التالية
Icon