ولما كانت هذه الآية أدل دليل - كما مضى - على البعث، وكان يوماً يظهر فيه عز الأولياء وذل الأعداء، أتبعها قوله تعجيباً منهم عطفاً على " يقولون أفتراه " ونحوها :﴿ويقولون﴾ أي مع هذا البيان الذي لا لبس معه استهزاء :﴿متى هذا الفتح﴾ أي النصر والقضاء والفصل الذي المنغلق يوم الحشر ﴿إن كنتم﴾ أي كوناً راسخاً ﴿صادقين﴾ أي عريقين في الصدق بالإخبار بأنه لا بد من كونه لنؤمن إذا رأيناه.
ولما أسفر حالهم بهذا السؤال الذي محصله الاستعجال على وجه الاستهزاء عن أنهم لا يزدادون مع البيان إلا عناداً، أمرهم بجواب فيه أبلغ تهديد، فقال فاعلاً فعل القادر في الإعراض عن إجابتهم عن تعيين اليوم إلى ذكر حاله :﴿قل﴾ أي لهؤلاء اللد الجهلة :﴿يوم الفتح﴾ أي الذي يستهزئون به، وهو يوم القيامة - تبادرون إلى الإيمان بعد الانسلاخ مما أنتم فيه من الشماخة والكبر، فلا ينفعكم بعد العيان وهو معنى ﴿لا﴾ ينفعكم - هكذا كان الأصل، ولكنه أظهر الوصف تعميماً وتعليقاً للحكم به فقال :﴿ينفع الذين كفروا﴾ أي غطوا آيات ربهم التي لا خفاء بها سواء في ذلك أنتم وغيركم ممن اتصف بهذا الوصف ﴿إيمانهم﴾ لأنه ليس إيماناً بالغيب، ولكنه ساقه هكذا سوق ما هو معلوم ﴿ولا هم ينظرون﴾ أي يمهلون في إيقاع العذاب بهم لحظة ما من منظر ما.


الصفحة التالية
Icon