ولما كان هذا، أنتج قطعاً قوله :﴿استجيبوا﴾ أي اطلبوا الإجابة وأوجدوها، ولفت القول إلى الوصف الإحساني تذكيراً بما يحث على الوفاق، ويخجل من الخلاف والشقاق، فقال :﴿لربكم﴾ الذي لم تروا إحساناً إلا وهو منه فيما دعاكم إليه برسوله ﷺ من الوفاء بعهده في أمره ونهيه، ولا تكونوا ممن ترك ذلك فتكونوا ممن علم أنه أضله فانسد عليه السبيل.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٦٤٤
ولما كان الخوف من الفوت موجباً للمبادرة، قال مشيراً بالجار إلى أنه يتعد بأدنى خير يكون في أدنى زمن يتصل بالموت :﴿من قبل أن يأتي يوم﴾ أي يكون فيه ما لا يمكن معه فلاح ؛ ثم وصفه بقوله لافتاً إلى الاسم الأعظم الجامع لأوصاف الإحسان والإنعام على المطعين والقهر والانتقام من العاصين :﴿لا مرد﴾ أي لا رد ولا موضع رد ولا زمان رد ﴿له﴾ كائن ﴿من الله﴾ أي الذي له جميع العظمة وإذا لم يكن له مرد منه لم يكن مرد من غيره، ومتى ذاك أنتج قوله :﴿ما لكم﴾ وأعرق في النفي بقوله :﴿من ملجأ يومئذ﴾ أي مكان تلجؤون إليه في ذلك اليوم وحصن تتحصنون فيه من شيء تكرهونه، وزاد في التأكيد بإعادة النافي وما في حيزه إبلاغاً في التحذير فقال :﴿وما لكم من نكير*﴾ أي من إنكار يمكنكم به من النجاة لأن الحفظة يشهدون عليكم فإن صدقتموهم وإلا شهدت عليكم أعضاؤكم وجلودكم، ولا لكم من أحد ينكر شيئاً مما تتجاوزون به ليخلصكم منه.


الصفحة التالية
Icon