ولما ناداه سبحانه بهذا الاسم الشريف المقتضي للانبساط، أمره بالخوف فقال :﴿اتق الله﴾ أي زد من التقوى يا أعلى الخلائق بمقدار ما تقدر عليه لذي الجلال كله والإكرام، لئلا تلتفت إلى شيء سواه، فإنه أهل لأن يرهب لما له من خلال الجلال، والعظمة والكمال.
ولما وجه إليه الأمر بخشية الولي الولي الودود، أتبعه النهي عن الالتفاف نحو العدو والحسود.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٦٧
فقال :﴿ولا تطع الكافرين﴾ أي الممانعين ﴿والمنافقين﴾ أي المصانعين في شيء من الأشياء لم يتقدم إليك الخالق فيه بأمر وإن لاح لائح خوف أو برق بارق رجاء، ولا سيما سؤالنا في شيء مما يقترحونه رجاء إيمانهم مثل أن تعين لهم وقت الساعة التي يكون فيها الفتح، فإنهم إنما يطلبون ذلك استهزاء، قال أبو حيان : وسبب نزولها أنه روي أن النبي ﷺ لما قدم المدينة كان يحب إسلام اليهود، فتابعه ناس منهم على النفاق، وكان يلين لهم جانبه، وكانوا يظهرون النصائح من طرق المخادعة، فنزلت تحذيراً له منهم، وتنبيهاً على عداوتهم - انتهى ثم علل الأمر والنهي بما يزيل الهموم ويوجب الإقبال عليهما واللوزم، فقال ملوحاً إلى أن لهم أغواراً في مكرهم ربما خفيت عليه ﷺ، وأكد ترغيباً في الإقبال على معلوله بغاية الاهتمام :﴿إن الله﴾ أي بعظيم كماله وعز جلاله ﴿كان﴾ أزلاً وأبداً ﴿عليماً﴾ شامل العلم ﴿حكيماً﴾ بالغ الحكمة فهو لم يأمرك بأمر إلا وقد علم ما يرتب عليه، وأحكم إصلاح الحال فيه.
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير في برهانه : افتتحها سبحانه بأمر نبيه باتقائه، ونهيه
٦٨


الصفحة التالية
Icon