ولما أفهم سوق الكلام هكذا إغراقهم كلهم، زاده إيضاحاً بالتعبير بالإرث الذي حقيقته الأخذ عن الميت أخذاً لا منازع فيه فقال عاطفاً على ما تقدم تقديره بعد اسم الإشارة :﴿وأورثناهم﴾ أي تلك الأمور العظيمة ﴿قوماً﴾ أي ناساً ذوي قوة في في القيام على ما يحاولونه، وحقق أنهم غيرهم تحقيقاً لإغراقه بقوله :﴿آخرين﴾ قال ابن برجان، وقال في سورة الظلمة :" وعيون وكنوز " مكان " وزروع " لما كان المعهود من الزرع الحصد في أقرب المدة أورث زروعها وجناعها وما فيها من مقام كريم قوماً بآل فرعون فإنهم أهلكوا ولا نبي إسرائيل فإنهم قد عبروا البحر، ولما توطد ملكهم في الأرض المقدسة اتصل بمصرن فورثوا الأرض بكنوزها وأموالها ونعمتها ومقامها الكريم - انتهى.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٧٣
ولما كان الإهلاك يوجب أسفاً على المهلكين ولو من بعض الناس ولا سيما إذا كانوا جمعاً فكيف إذا كانوا أهل مملكة ولا سيمنا إذا كانوا في نهاية الرئاسة، أخبر بأنهم كانوا لهوانهم عنده سبحانه وتعالىعلى خلاف ذلك، فسبب عما مضى قوله :﴿فما بكت عليهم﴾ استعارة لعدم الاكتراث لهم لهوانهم ﴿السماء والأرض﴾ وإذا لم يبك السكن فما ظنك بالساكن الذي هو بعضه، روى أبو يعلى في مسنده والترمذي في
٧٤
جامعه - وقال : غريب والربذي والرقاشي يضعفان في الحديث - عن أنس رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ قال :"ما من مسلم إلا وله في السماء بابان، باب يصعد منه عمله وباب ينزل منه رزقه فإذا مات بكيا عليه" وتلا هذه الآية، وقال علي رضي الله عنه : إن المؤمن إذا مات بكى مصلاه من الأرض ومصعد عمله من السماء.


الصفحة التالية
Icon