الله أنجى بني إسرائيل على ضعفهم فهو ينجي غيرهم من الضعفاء أو يكذب أن فرعون كان قوياً ﴿إنه كان عالياً﴾ في جبلته العراقة في العلو ﴿من المسرفين﴾ أي العريقين في مجاوزة الحدود.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٧٣
ولما كانت قريش تفتخر بظواهر الأمور من الزينة والغرور ويعدونه تعظيماً من الله ويعدونضعف الحال في الدنيا شقاء وبعداً من الله، رد عليهم قولهم بما أتى بني إسرائيل على ما كانوا فيه من الضعف وسوء الحال بعد إهلاك آل فرعون بعذاب الاستئصال، فقال مؤكداً لاستبعاد قريش أن يختار من قل حظه من الدنيا :﴿ولقد﴾ اخترناهم أي فعلنا بما لنا من العظمة في جعلنا لهم خياراً فعل من اجتهد في ذلك، وعظم أمرهم بقوله بانياً على ما تقديره : اختياراً مستعلياً ﴿على علم﴾ أي منا بما يكون منهم من خير وشر، وقد ظهر من آثاره أنكم صرتم تسألونهم وأنتم صريح ولد إسماعيل عليه الصلاة والسلام عمنا ينوبكم وتجعلونهم قدوتكم فيما يصيبكم وتضربون إليه أكباد الإبل، وهكذا المفضل عليه فقال :﴿على العالمين﴾ أي الموجودين في زمانهم بما أنزلنا عليهم من الكتاب وأرسلنا إليهم من الرسل.
ولما أعلم باختيارهم، بين آثار الاختيار فقال :﴿وآتيناهم﴾ أي على ما لنا من العظمة ﴿من الآيات﴾ أي العلامات الدالة على عظمتنا واختيارنا لهم من حين أتى موسى عبدنا عليه الصلاة والسلام فرعون إلى أن فارقهم بالوفاة وبعد وفاته على أيدي الأنبياء المقررين يحيله إلى غير ما كان عليه، وذلك بفرق البحر وتظليل الغمام وإنزال المن والسلوى وغير ذلك مما رأوه من الآيات الستع، وفي هذا ما هو رادع للعرب عن بعض أقوالهم من خوف التخطف من العرب والفقر لقطع الجلب عنهم وغير ذلك ﴿مبين﴾ أي بين لنفسه موضح التخطف من العرب والفقر لقطع الجلب عنهم وغير ذلك ﴿مبين﴾ أي بين لنفسه موضح لغيره، وما أنسب هذا الختم لقوله أول قصتهم " ولد فتنا قبلهم قوم فرعون ".


الصفحة التالية
Icon