ولما أخبروا على هذه العظمة تنطعاً لأنها لو وقعت لم يكن بأدل على ثبوت النبوة المستلزمة لتصديق كل ما يقول لهم الرسول ﷺ وما يأتيهم به من الآيات، غير خائفين من الله وهم يعلمون قدرته وإهلاكه للماضين لأجل تكذيب الرسل عليهم الصلاة والسلام، وكأنهم يدعون خصوصيته في مكنة من عين أو معنى ينجون بها من مساواة من قبلهم في ذلك فقال تعالى منكراً عليهم :﴿أهم خير﴾ أي في الدين والدنيا ﴿أم قوم تبع﴾
٧٧
أي الذين ملك بهم تبع الأرض بطولها والعرض وحيرة الحيرة وبنى قصر سمرقند وكان مؤمناً، وقومه حمير ومن تبعهم أقرب المهلكين إلى قريش زماناً ومكاناً.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٧٦
وكان له بمكة المشرفة ما ليس لغيره من الآثار، وقال الرازي في اللوامع : هو أول من كسا البيت ونحر بالشعب ستة آلاف بدنة وأقام به ستة أيام وطاف به وحلق.
وقال البغوي بعد أن ذكر قصته مع الأنصار لما قتل ابنه غيلة بالمدينة الشريفة وما وعظته به اليهود في الكف عن إخراب المدينة لأنها مهاجر نبي من قريش : فصدقهم وتبع دينهم، وذلك قبل نسخه، وقال عن الرقاشي : آمن تبع بالنبي ﷺ قبل أن يبعث بسبعمائة عام، وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : لا تسبوا تبعاً فإنه كان رجلاً صالحاً.
ولما كان ذلك في سياق التهديد بالإهلاك لأجل مخالفتهم، وكان الإهلاك لذلك إنما كان لبعض من تقدم زمانهم لا لجميع الخلق، أدخل الجار فقال :﴿والذين من قبلهم﴾ أي من مشاهير الأمر كمدين وأصحاب الأيكة والرس وثمود وعاد.


الصفحة التالية
Icon