ولما كان العزيز قد لا يرحم قال :﴿الرحيم﴾ أي الذي لا تمنع عزته أن يكرم من يشاء.
ولما كان السياق للانتقام، أخبر عن حال الفجار على سبيل الاستئناف، فقال مؤكداً لما يكذبون به :﴿إن شجرة الزقوم﴾ التي تقدم من وصفها ما يقطع القلوب من أنها تخرج من أصل الجحيم، وأن طلعها كأنه رؤوس الشياطين، وغيره مما لا يعلمه حق علمه إلا الله تعالى والذي تعرفونه من ذلك في الدنيا أنها شجرة صغيرة الورق ذفرة أي شديد النتن - مرة، من الزقم، أي اللقم الشديد والشوب والمفرط، وقال عبد الحق في كتابه الواعي : الزقوم شجرة غبراء صغيرة الورق لا شوك لها ذفرة لها كعابر في
٨٠
سوقها أي عقد كالأنابيب ولها ورد تجرسه النحل، ورأس ورقها قبيح جداً، وهي مرعى، ومنابتها السهل، قال ابن برجان : وهي في النار في مقابلة شجرة طوبى في الجنة، يضطرون إلى أكلها وإلى شرب الغسلين كما يضطر أهل الدنيا لإدخال الطعام والشراب ﴿طعام الأثيم﴾ أي المبالغ في اكتساب الآثام حتى مرن عليها فصارت به إلى الكفر ﴿كالمهل﴾ أي القطران الرقيق وما ذاب من صفر أو حديد أو دردية، روى أحمد والترمذي - وقال : لا نعرفه إلا من حديث رشدين - وابن حبان في صحيحه والحاكم من وجه آخر - وقال الحاكم : صحيح الإسناد - عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي ﷺ في قوله ﴿كالمهل﴾ قال :"كعكر الزيت فإذا قرب إلى وجهه سقطت فروة وجهه فيه ".
﴿
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٧٨
تغلي﴾ أي الشجرة - على قراءة الجماعة بالتأنيث، والطعام على قراءة ابن كثير وحفص عن عاصم ورويس عن يعقوب بالتذكير ولا يعود الضمير على المهل لأنه مشبه به ﴿في البطون﴾ أي من شدة الحر.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٧٨