الكتاب جملة إلى بيت العزة، ودل على بركته مما دل على حكمة منزله وعزته بالبشارة والنذارة والإيقاع بالمجرمين بعد طول الحلم والأناة والنجاة للمتقين وغير ذلك من أمور هي في غاية الدلالة على ذلك لأنها راجعة إلى الحسن لمن ألقى السمع، وهو شهيد، وأشار إلى سهولتها على من تأمل هذا الذكر المترجم بلسان أعلى الخلق وأكملهم وأشرفهم خلائق وأفضلهم، ابتداء هذه بالإعلام بأنه زاد ذلك يسراً وسهولة بإنزاله منجماً بحسب الوقائع مطابقاً لها أتم مطابقة بعد إنزاله جملة من أم الكتاب ثم مرتباً لما أنزل منه ترتيباً يفهم علوماً ويوضح أسراراً غامضة مهمة فقال :﴿تنزيل الكتاب﴾ أي إنزال الجامع لكل خير مفرقاً لزيادة التسهيل في التفهيم والإبلاغ في اليسر في التعليم وغير ذلك من الفضل العميم وزاده عظماً بقوله :﴿من الله﴾ أي كائن من المحيط بصفات الكمال.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٨٨
ولما كان - كما مضى - للعزة والحكمة أعظم بركة هنا قال :﴿العزيز الحكيم *﴾ فكان كتابه عزيزاً حكيماً لا كما تقول الكفرة من أنه شعر أو كذب أو كهانة لأنه لا حكمة لذلك ولا عزة بحيث لتبس أمره بأمره هذا الكتاب المحيط بدائرة الحكمة والصواب، ودل بشواهد القدرة وآثار الصنعة من نسخة هذا الكتاب على الصفتين وعلى وحدانيته فيهما اللازم منه تفرده المطلق فقال مؤكداً لأجل من ينكر ذلك ولو بالعمل، وترغيباً في تدقيق النظر بتأمل آيات الوجود التي هذا الكتاب شرح لمغلقها وتفصيل لمجملها.