ولما كان كأنه قيل : ما لها ؟ قال، أو يكون المراد : نشير إليها حال كوننا ﴿نتلوها﴾ أي نتابع قصها ﴿عليك﴾ سواء كانت مرئية أو مسموعة، متلبسة ﴿بالحق﴾ أي الأمر الثابت الذي لا يستطاع تحويله فليس بسحر ولا كذب، فتسبب عن ذلك حينئذ الإنكار عليهم وعلى من يطلب إجابتهم إلى المقترحات طمعاً في إيمانهم في قوله تعالى :﴿فبأي حديث﴾ أي خبر عظيم صادق يتجدد علمهم به يستحق أن يتحدث به، واستغرق كل حديث فقال :﴿بعد الله﴾ أي الحديث الأعظم عن الملك الأعلى ﴿وآياته﴾ أي والحديث عن دلالاته العظيمة ﴿يؤمنون *﴾ من خاطب - وهم الجمهور - ردوه على قوله " وفي خلقكم " وهو أقوى تبكيتاً، وغيرهم وهم أبو عمرو وحفص عن عاصم وروح عن يعقوب رأوا أن ذلك الخطاب صرف إلى خطاب النبي ﷺ في قوله ﴿نتلوها عليك بالحق﴾.
ولما كان لا يبقى على الكفر نوع بقاء فضلاً عن الإصرار بعد هذا البيان إلا من يستحق النكال لمجاهرته بالعناد، قال على وجه الاستنتاج مهدداً :﴿ويل﴾ أي مكان معروف في جهنم ﴿لكل أفاك﴾ أي مبالغ في صرف الحق عن وجهه ﴿أثيم *﴾ أي مبالغ في اكتساب الإثم وهو الذنب، وعمل ما لا يحل مما يوجب العقاب، وفسر هذا بقوله :﴿يسمع آيات الله﴾ أي دلالات الملك الأعظم الظاهرة حال كونها ﴿تتلى﴾ أي
٩٢
يواصل استماعه لها بلسان القال أو الحلا من أيّ تال كان، عالية ﴿عليه﴾ بجميع ما فيها من سهولة فهمها وعذوبة ألفاظها وظهور معانيها وجلالة مقاصدها مع الإعجاز فكيف إذا كان التالي أشرف الخلق.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٩٢
ولما كانت تلاوتها موجبة لإقلاعه فكان إصراره مع بعد رتبته في الشناعة مستبعداً كونه قال :﴿ثم يصر﴾ أي يدوم دوماً عظيماً على قبيح ما هو فيه حال كونه ﴿مستكبراً﴾ أي طالباً الكبر عن الإذعان وموجداً له.