ولما كان الضال أحوج إلى سماع صوت الهادي منه إلى غيره، وكان من لا ينتفع بما هو له في حكم العادم له قال :﴿وختم﴾ أي زيادة على الإضلال الحاضر ﴿على سمعه﴾ فلا فهم له في الآيات المسموعة.
ولما كان الأصم قد يفهم بالإشارة قال :﴿وقلبه﴾ أي فهو لا يعي ما من حقه وعيه.
ولما كان المجنون الأصم قد يبصر مضاره ومنافعه فيباشرها مباشرة البهائم قال :﴿وجعل على بصره غشاوه﴾ فصار لا يبصر الآيات المرئية، وترتيبها هكذا لأنها في سياق الإضلال كما تقدم في البقرة.
ولما صار هذا الإنسان الذي صار لا يسمع الهادي فيقصده ولا يعي المعاني لينتفع بما تقدم له علمه، ولا يبصر حق البصر ليهتدي ببصره دون رتبة الحيوان، قال تعالى منكراً مسبباً للإنكار عما تقدمه :﴿فمن يهديه﴾ وأشار إلى قدرة الله عليه بقوله :
١٠٤
﴿من بعد الله﴾ أي إضلال الذي له الإحاطة بكل شيء.
ولما كان من المعلوم قطعاً أنه لا هادي له غير، سبب عنه الإنكار لعدم التذكر حثاً على التذكر فقال مشيراً بإدغام تاء التفعل إلى عدم الاحتياج بسبب وضوحه إلى كثير تذكر :﴿أفلا تذكرون *﴾ أي يكون لكم نوع تذكر فتذكرون أنهم لا يسمعون الآيات المتلوة ولا يعتبرون بالآيات المرئية مع ما لكل منهما من الظهور، وأن من كان هذا حاله فلا سبيل لمخلوق مثله إلى هدايته.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٠٣