وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير رحمه الله تعالى : لما قدم ذكر الكتاب وعظيم الرحمة به وجليل بيانه، وأردف ذلك بما تضمنته سورة الشريعة من توبيخ من كذب به وقطع تعلقهم وأنه سبحانه قد نصب من دلائل السماوات والأرض إلى ما ذكر في صدر السورة ما كل قسم منها كاف في الدلالة وقائم بالحجة، ومع ذلك فلم يجر عليهم التمادي على ضلالهم والانهماك في سوء حالهم وسيىء محالهم، أردفت بسورة الأحقاف تسجيلاً بسوء مرتكبهم وإعلاماً باليم منقلبهم فقال تعالى ﴿وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى﴾ ولو اعتبرا بعظيم ارتباط ذلك الحق وإحكامه وإتقانه لعلموا أنه لم يوجد عبثاً، ولكنهم عموا عن الآيات وتنكبوا عن انتهاج الدلالات ﴿والذين كفروا عما أنذروا معرضون﴾ ثم أخذ سبحانه وتعالى في تعنيفهم وتقريرعهم في عبادة ما لا يضر ولا ينفع فقال ﴿أفرأيتم ما تدعون من دون الله﴾ - إلى قوله :﴿وكانوا بعبادتهم كافرين﴾ ثم ذكر عنادهم عن سماع الآيات فقال :﴿وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات﴾ الآيات، ثم التحم الكلام وتناسج إلى آخر السورة - انتهى.