ولما كان حق الأب ظاهراً لا له من الكسب والإنفاق والذب والتأديب لم يذكره، وذكر ما للأم لأن أمده يسير، فربما استهين به فقال مستأنفاً أو معللاً :﴿حملته أمه﴾ أي بعد أن وضعه أبوه بمشاركتها في أحشائها، حملاً ﴿كرهاً﴾ بثقل الحبل وأمراضه وأوصابه وأعراضه ﴿ووضعته﴾ أي بعد تمام مدة حمله ﴿كرهاً﴾ فدل هذا - مع دلالته على وجوب حق الأم - على أن الأمر في تكوينه لله وحده، وذكر أوسط ما للأم من مدة التعب بذكر أقل مدة الحمل وأنهى مدة الرضاع لانضباطها فقال تعالى :﴿وحمله وفصاله﴾ أي ومدة حمله وغاية فطامه من الرضاع، وعبر بالفصال لإرادة النهاية لأن الفطام قد يكون قبل النهاية لغرض ثم تظهر الحاجة فتعاد الرضاعة ﴿ثلاثون شهراً﴾ فانصرف الفصال إلى الكامل الذي تقدم في البقرة فعرف أن أقل مدة الحمل ستة أشهر، وبه قال الأطباء، وربما أشعر بأن أقل مدة الرضاع سنة وتسعة أشهر لأن أغلب الحمل تسعة أشهر.