ولما كان هذا وعيداً، دل عليه بأداة الاستعلاء فقال :﴿عليهم القول﴾ أي الكامل في بابه بأنهم أسفل السافلين، وهذا يكذب من قال : إنها نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما، فإنه أسلم وصار من أكابر الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، فحقت له الجنة.
ولما أثبت لهم هذه الشنيعة، عرف بكثرة من شاركهم فيها فقال :﴿في﴾ أي كائنين في ﴿أمم﴾ أي خلائق كانوا بحيث يقصدهم الناس ويتبع بعضهم بعضاً ﴿قد خلت﴾ تلك الأمم.
ولما كان المحكوم عليه بعض السالفين، أدخل الجار فقال :﴿من قبلهم﴾ فكانوا قدوتهم ﴿من الجن﴾ بدأ بهم لأن العرب تستعظمهم وتستجير بهم، وذلك لأنهم يتظاهرون لهم يؤذونهم ولم يقطع أذاهملهم وتسلطهم عليهم ظاهراً وباطناً إلا القرآن، فإنه أحرقهم بأنواره وجلاهم عن تلك البلاد بجلي آثاره ﴿والإنس﴾ وما نفعتهم كثرتهم ولا أغنت عنهم قوتهم، ثم علل حقوق الأمر عليهم أو استأنف بقوله مؤكداً تكذيباً لظن هذا القسم الذي الكلام فيه أن الصواب مع الأكثر :﴿إنهم﴾ أي كلهم ﴿كانوا﴾ أي جبلة وطبعاً وخلقاً لا يقدرون على الانفكاك عنه ﴿خاسرين *﴾ أي عريقين في هذا الوصف.
١٣١
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٢٩
ولما قسمهم في الأعمال، جمعهم في العدل والإفضال فقال :﴿لكل﴾ أي من فريقي السعداء والبعداء من القبيلتين : الجن والإنس، في الدنيا والآخرة ﴿درجات﴾ أي دركات أي منازل ومراتب متفاضلين فيها ﴿من﴾ أجل ﴿ما عملوا﴾ أو من جوهره ونوعه من الأعمال الصالحة والطالحة.