ولما أخبروهم بالكتاب وينوا أنه من عند الله وأنه أقرب موصل إيه، فكان قومهم جديرين بأن يقولوا : فما الذي ينبغي أن نفعل ؟ أجابوهم بقوله :﴿يا قومنا﴾ الذين لهم قوة العلم والعمل ﴿أجيبوا داعي الله﴾ أي الملك الأعظم المحيط بصفات الجلال والجمال والكمال، فإن دعوة هذا الداعي عامة لجميع الخلق، فالإجابة واجبة على كل من بلغه أمره.
ولما كنا المجيب قد يجيب في شيء دون شيء كما كان أبو طالب عم النبي ﷺ، عطفوا في خطابهم لهم في الدعوة أن قالوا :﴿وآمنوا به﴾ أي أوقعوا التصديق بسبب الداعي لا بسبب آخر، فإن المفعول معه مفعول مع من أرسله وهو الله الذي جلت قدرته وآمنوه من كل تكذيب، أو الضمير للمضاف إليه وهو الله بدليل قولهم :﴿يغفر لكم﴾ : فإنه يستر ويسامح ﴿من ذنوبكم﴾ أي الشرك وما شابهه مما هو حق لله
١٤٢
تعالى أي وذلك الستر لا يكون إلا إذا حصل منكم الإجابة التامة والتصديق التام وأدخلوا " من " إعلاماً بأن مظالم العباد لا تغفر إلا بإرضاء أهلها وكذا ما يجازى به صاحبه في الدنيا بالعقوبات ولنكبات والهموم ونحوها مما أشار إيه قوله تعالى ﴿وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير﴾ [الشورى : ٣٠] ﴿ويجركم﴾ أي يمنعكم " إذاأجبتم " منع الجار لجاره لكونكم بالتحيز إلى داعيه صرتم من حزبه ﴿من عذاب أليم *﴾ واقتصارهم على المغفرة تذكير بذنوبهم لأن مقصودهم الإنذار لا ينافي صريح قوله ي هذه السورة ﴿ولكل درجات مما عملوا﴾ [الأنعام : ١٣٢] في إثبات الثواب، ونقله أبو حيان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لهم ثواب وعليهم عقاب يلتقون في الجنة ويزدحمون على أبوابها.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٤١