ولما كان الابتلاء ليس خاصاً بفريق منهم بل عاماً للفريقين لأنه يكشف عن أهل المحاسن وأهل المساوئ من كل منهم، قال تعالى :﴿بعضكم﴾ من الفرقة المؤمنين بالإنكار عليهم من الفرقة الطاغين حتى يكون لهم بذلك اليد البيضاء ﴿ببعض﴾ أي يفعل في ذلك فعل المختبر ليترتب عليه الجواء على حسب ما تألفونه من العوائد.
ولما أفهم هذا أن الابتلاء بين فريقين بالجهاد، قال عاطفاً على ما تقديره : فالذين قاتلوا أو قتلوا في سبيل الشيطان أضل أعمالهم :﴿والذين قتلوا﴾ وفي قراءة البصريين وحفص ﴿قتلوا﴾ وهي أكثر ترغيباً والأولى أعظم ترجية ﴿في سبيل الله﴾ أي لأجل تسهيل طريق الملك الأعظم المتصف بجميع صفات الكمال.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٥١
ولما كان في سياق الترغيب، قرن الخبر بالفاء إعلاماً بأن أعمالهم سبببه فقال تعالى :﴿فلن يضل﴾ أي يضيع ويبطل ﴿أعمالهم *﴾ لكونها غير تابعة لدليل بل يبصرهكم باللأدلة ويوفقهم لاتباعها، وهو معنى قوله تعالى تعليلاً :﴿سيهديهم﴾ أي في الدارين بوعد لا خلق فيه بعد المجاهدة إلى كل ما ينفعهم مجدداً ذلك على سبيل الاستمرار ﴿ويصلح بالهم﴾ أي موضع فكرهم فيجعله مهيأ لكل خير بعيداً عن كل شر آمناً من المخاوف مطمئناً بالإيمان بما فيه من السكينة، فإذاقتل احد في سبيله تولى سبحانه وتعالى ورثته بأحسن من تولي المقتول لو كان حياً.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٥١
ولما كان هذا ثواباً عظيماً ونوالاً جسيماً، أتبعه ثواباً أعظم منه فقال تعالى :﴿ويدخلهم الجنة﴾ أي دار القرار الكاملة في النعيم، وأجاب من كأنه يسأل عن كيفية
١٥٣