ولما بين ما صنع بهم ليجترئ به حزبه عليهم، بين سببه ليجتنب فقال :﴿ذلك﴾ الأمر البعيد من الخير ﴿بأنهم﴾ أي بسب بأنهم ﴿كرهوا﴾ بغضوا وخالفوا وأنكروا ﴿ما أنزل الله﴾ أي الملك الأعظم الذي لا نعمة إلا منه، والذي أنزله من القرآن والسنة هو روح الوجود الذي لا يعاندونه، فلما كرهوا الروح الأعظم بطلت أرواحهم فتبتها أشباحهم، وهو معنى قوله مسبباً بياناً لمعنى إضلال أعمالهم :﴿فأحبط﴾ أي أبطل إبطالاً لا صلاح معه ﴿أعمالهم *﴾ بسب أنهم أفسدوها بنياتهم فصارت وإن كانت صورها صالحة ليس لها أرواح، لكونها واقعة على غير ما أمر به الله الذي لا أمر إلا له يقبل من العمل إلا ما حده ورسمه، وهذا وعيد للأمةبأنها إن تخلت عن نصر الله والجهاد في سبيله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكلها سبحانه إلى نفسها وتخلى عن نصرها وسلط عليها عدوها، ولقد وجد بعض ذلك من تسلط الفسقة لما وجد التهاون في بعض ذلك والتواكل فيه.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٥٣
ولما كان لا يستهين بهذه القضايا ويجترئ مثل هذه البلايا إلا من أمن العقوبة، ولا يأمن العقوبة إلا من أعرض عن الله سبحانه وتعالى، وكان يكفي في الصد عن الأمرين وقائعه تعالى بالأمم الخالية لأجل تكذيب رسله ومناصبة أوليائه والاعتداء على
١٥٥
حدوده، قال منكراً عليهم وموبخاً لهم تقدماً إليهم بالتحذير من بطشه وسطوته وشديد أخذه وعقوبته، مسبباً تصحيح أعمالهم وبنائها على أساس ﴿في الأرض﴾ أي التي فيها آثار الوقائع فإنها هي الأرض في الحقيقة لما لها من زيادة التعريف بالله ﴿فينظروا﴾ عقب سيرهم وبسبه.