ولما كان التقدير : فرآه حسناً فعمله ملازماً له، فكان على عمى وضلال، وكان قد أفرد الضمير لقبول " من " له من جهة لفظها، جمع رداً على معناها بتعميم القبح مثنى وفرادى، وإشارة إلى أن القبيح يكون أولاً قليلاً جداً، فمتى غفل عنه فلم تحسم مادته دب وانتشر فقال عاطفاً على ما قدرته :﴿واتبعوا أهواءهم *﴾ فلا شبهة لهم في شيء من أعمالهم السيئة فضلاً عن دليل، والآية من الاحتباك ذكر البينة أولاً دليلاً على ضدها ثانياً، والتزيين واتباع الهوى ثانياً دليلاً على ضدهما أولاً، وسره أنه ذكر الأصل الجامع للخير ترغيباً والأًل الجامع للشر ترهيباً.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٥٥
ولما تكرر ذكر الجنة والنار في هذه السورة إلى أن ختم بهذه الآية التي قسم الناس فيها إلى أولياء مهتدين وأعداء ضالين معتدين، فهدى سياقها إلى أن التقدير : أفمن كان على بينة من ربه أحياه الحياة الطيبة في الدارين، ومن تبع هواه أراده فيها، أتبعه وصف الجنة التي هي دار أوليائه قادهم إليها الهدى، والنار التي هي دار أعدائه ساقهم إليها الضلال المحتم للردى، فقال :﴿مثل الجنة﴾ أي البساتين العظيمة التي تستر داخلها من كثرة أشجارها.
ولما تكرر وعده سبحانه للذين آمنوا بالجنة بالاسم الأعظم الجامع وبعضها
١٥٨