ولما علم بما ذكر من التسبب أن هذا الدعاء عليهم لما تقدم من سوء أدبهم في مقالهم، وقبح ما ظهر من فعالهم، حصل التوشوف إلى ما ينبغي لهم، فقال تعالى على طريق النشر المشوش :﴿طاعة﴾ أي منهم ﴿وقول معروف﴾ أي بالتسليم والإذعان وحسن الانقياد خير لهم مما أظهروا من المحبة في الطاعة وما كشف حالهم عنه من الكراهة، ونكر الاسمين ليكونا صالحين للتعظيم وما دونه، ثم سبب عنهما قوله مسنداً إلى الأمر ما هو لأهله تأكيداً لمضمون الكلام :﴿فإذا عزم الأمر﴾ أي فإذا أمر بالقتال الذي ذكر في أول السورة وغيره من الأوامر أمراً مجزوماً به معزوماً عليه ﴿فلو صدقوا الله﴾ أي الملك الأعظم المحيط قدرة وعلماً في قولهم الذي قالوه في طلب التنزيل ﴿لكان﴾ صدقهم له ﴿خيراً لهم *﴾ أي من تعللهم وتسللهم عنه لواذاً على تقدير التنزيل في تسليم أن في جماحهم عن الأمر وتقاعدهم عنه نوع خير، ويجوز أن يكون " خير " اسماً لا للتفضيل ليفهم أن كذبهم شر لهم.
ولما كان هذا تبكيتاً لهم منأجل فتورهم عن أمر الله، سبب عن ذكل الفتور بيان ما يحصل منه من عظيم الفساد ويتأثر به من خراب البلاد وشتات العباد في معرض سؤال في أسلوب الخطاب بد التبكيت والتهديد في أسلوب الغيبة تنبيهاً على تناهي الغضب وبلوغه الغاية فقال تعالى :﴿فهل عسيتم﴾ أي فتسبب عن تسرعكم إلى السؤال في أن يأمركم الملك بما يرضيه، فإذا أجابكم فرحمكم بما يعلم أنه أصلح الأشياء لكم وهو الجهاد كرهتموه ووجهتم منه وقعدتم عنه ان يقال لكم لما يرى منكم من المخايل الدالة لعى ضعف الإيمان : هل يمكن عندكم نوع إمكان وتتوقعون شيئاً من توقع أن يكون حالكم جديراً وخليقاً لتغطية علم العواقب عنكم فتخافون من أنفسكم.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٦٧