جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٧٥
لأن شهرته عند الناس محط نظره، ويرجع عن الحسن لأنه لم يوصله إلى ما أراد به من ثناء الناس عليه بالخبر ولم يؤكد بنا، وفي قراءة يعقوب إشارة إلى أن إحالة حال المخبر بعد ظهور خبره أسهل من إحالته قبل ظهوره، وعن الفضيل أنه كان إذا قرأ هذه الآية بكى وقال : اللهم لا تبلنا فإنك إن بلوتنا هتكت أستارنا وفضحتنا.
ولما جرت العادة بأن الإنسان لا يعذب ولا يهدد إلى من ضره كما تقدم من الإخبار بنكالهم وقبيح أعمالهم مهيئاً للسؤال عن ذلك فاستأنف قوله مؤكداً لظنهم أنهم هم الغالبون لحزب الله :﴿إن الذين كفروا﴾ أي غطوا من دلت عليه عقولهم من ظاهر آيات الله لا سيما بعد إرسال الرسول المؤيد بواضح المعجزات ﷺ ﴿وصدوا﴾ أي امتنعوا ومنعوا غيرهم زيادة في كفرهم ﴿عن سبيل الله﴾ أي الطريق الواضح الذي نهجه الملك الأعظم.
ولمنا كان أكثر السياق للمساترين بكفرهم، أدغم في قوله :﴿وشاقوا الرسول﴾ أي الكامل في الرسلية المعروفة غاية المعرفة.
ولما كان سبحانه قد عفا عن إهمال الدليل العقلي على الوحدانية قبل الإرسال، قال مثبتاً الجار إعلاماً بأناه لايغفر لمضيعه بعد الإرسال ولو في أدنى وقت :﴿من بعد ما تبين﴾ أي غاية التبين بالمعجز ﴿لهم الهدى﴾ بحث صار ظاهراً بنفسه غير محتاج بما أظهره الرسول من الخوارق إلى مبين، ومنه ما أخبرت به الكتب القديمة الإليهة.
ولما كان المناصب للرسول إنما ناصب من أرسله، دل على ذلك بقوله معرياً له من الفاء دلالة على عدم التسبيب بمعنى أن عدم هذا الضر موجود عملوا أو لم يعملوا وجدوا أو لم يوجدوا ﴿لن يضروا الله﴾ أي ملك الملوك، ولم يقل : الرسول ﴿شيئاً﴾ أي كثيراً ولا قليلاً من ضرر بما تجمعوا عليه من الكفر والصد.
١٧٦
ولما كان التقدير : إنما ضروا أنفسهم ناجزاً بأنهم أتعبوها مما لم يغن عنهم شيئاً.


الصفحة التالية
Icon