ولما كان ما ذكر من عذاب الأعداء وثواب الأولياء متوقفاً على تمام العلم ونهاية القدرة التي يكون بها الانتقام والسطوة قال تعالى :﴿وكان الله﴾ الملك الذي لا أمرلأحد مع أزلاً وأبداً ﴿عزيزاً﴾ يغلب ولا يغلب ﴿حكيماً *﴾ يضع الشيء في أحكم مواضعه، فلا يستطاع نقض شيء مما ينسب إليه سبحانه وتعالى.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٩٠
ولما تبين أنه ليس لغيره مدخل في إيجاد النصر، وكانت السورة من أولها حضرة مخاطبة وإقبال فلم يدع أمر إلى نداء بياء ولا غيرها.
وكان كأنه قيل : فما فائدة الرسالة إلى الناس ؟ أجيب بقوله تقريراً لما ختم به من صفتي العزة والحكمة.
﴿إنا﴾ بما لنا من العزة والحكمة ﴿أرسلناك﴾ أي بما لنا من العظمة التي هي معنى العزة والحكمة إلى الخلق كافة ﴿شاهداً﴾ على أفعالهم من كفر وإيمان وطاعة وعصيان، من كان بحضرتك فبنفسك ومن كان بعد موتك أو غائباً عنك فبكتابك، مع ما أيدناك به من الحفظة من الملائكة.
ولما كانت البشارة محبوبة إلى النفوس رغبهم فيما عنده من الخيرات وحببهم فيه بصوغ اسم الفاعل منها مبالغة فيه فقال تعالى :﴿ومبشراً﴾ أي لمن أطاع بأنواع البشائر.
ولما كانت لنذارة كريهة جداً، لا يقدم على إبلاغها إلا من كمل عرفانه بما فيها من المنافع الموجبة لتجشم مرارة الإقدام على الصدع بها، أتى بصيغة المبالغة فقال تعالى :﴿ونذيراً *﴾.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٩٠
ولما ذكر حال الرسالة، ذكر علتها فقال :﴿لتؤمنوا﴾ أي الذين حكمنا بإيمانهم ممن أرسلناك إليهم - هذاعلى قراءة ابن كثير وأبي عمرو بالغيب، وعلى قراءة الباقين بالخطاب المعنى.


الصفحة التالية
Icon