ولما كان قد تخلف بالجسد من خلص الأنصار وغيرهم من كان حاضراً معه ﷺ بالقلب أخرجهم بقوله :﴿من الأعراب﴾ أي أهل البادية كذباً وبهتاناً جرأة على الله ورسوله ﴿شغلتنا﴾ أي عن إجابتك في هذه العمرة ﴿أموالنا وأهلونا﴾ أي لأنا لو تركناها ضاعت، لأنه لم يكن لنا من يقوم بها وأنت قد نهيت عن إضاعة المال والتفريط في العيال، ثم سببوا عن هذا القول المراد به السوء قولهم :﴿فاستغفر﴾ أي اطلب المغفرة ﴿لنا﴾ من الله إن كنا أخطأنا أو قصرنا.
ولما كان هذا ربما يغتر به من لا خبرة له، رده تعالى بقوله منبهاً على أن من صدق مع الله لم يشغله عن شاغل، ومن شغله عنه شيء كان شوماً عليه :﴿يقولون﴾ وعبر بالمضارع إشارة إلى أن هذا ديدن لهم لا ينفكون عنه.
ولما صح بعد ذلك إيمان، لم يعبر بالأفواه دأبه، في المنافقين، بل قال :﴿بألسنتهم﴾ أي في الشغل والاسغفار، وأكد ما أفهمه ذكر اللسان من أنه قول ظاهري نفياً للكلام الحقيقي الذي هو النفسي بكل اعتبار بقوله :﴿ما ليس في قلوبهم﴾ لأنهم لم يكن شغل ولا كانت لهم نية في سؤال الاستغفار.
١٩٦


الصفحة التالية
Icon