ولما ذكر منّه سبحانه وتعالى عليهم بما هو الأصل الذي لا يبنى إلا عليه، أتبعه آثاره فقال :﴿وأثابهم﴾ أي أعطاهم جزاء لهم على ما وهبهم من الطاعة والسكينة فيها جزاء، مقبلاً عليهم، يملأ مواضع احتياجهم، هو أهل لأن يقصده الإنسان ويتردد في طلبه لما له من الإقبال والمكنة والشمول ﴿فتحاً﴾ بما أوقع سبحانه من الصلح المترتب على تعجيز قريش عن القتال ﴿قريباً *﴾ بترك القتال الموجب بعد راحتهم وقوتهم وجمومهم لاختلاط بعض الناس ببعض فيدخل في الدين من كان مباعداً له لما يرى من محاسنه، فسيكون الفتح الأعظم فتح المكة المشرفة الذي هو سبب لفتح جميع البلاد.
٢٠٤
ولما ذكر الفتح ذكر بعض ثمرته فقال :﴿ومغانم﴾ فنبه بصيغة منتهى الجموع إلى إلى عظيمة، ثم صرح بذلك في قوله :﴿كثيرة﴾ ولما كان الشيء ربما أطلق على ما هو بالقوة دون الفعل، أزال ذلك بقوله تعالى ﴿يأخذونها﴾ وهي خيبر.
ولما كان ذلك مستبعداً لكثرة الكفار وقلة المؤمنين، بين سببه فقال عاطفاً على ما تقديره : بعزة الله وحكمته :﴿وكان الله﴾ أي الذي لا كفوء له ﴿عزيزاً﴾ أي يغلب ولا يغلب ﴿حكيماً *﴾ يتقن ما يريد فلا ينقض.


الصفحة التالية
Icon