أي الأمر الثابت الكامل في الثبات الذي يطابقه الواقع ﴿ليظهره﴾ أي دينه ﴿على الدين كله﴾ دين أهل مكة والعرب عباد الأصنام، الذي يقتضي إظهاره عليه دخوله إليه آمناً، وإظهاره على من سواهم من أهل الأديان الباطلة بأيدي صحابته الأبرار والتابعين لهم بإحسان إظهاراً يتكامل بنزول عيسى عليه الصلاة والسلام مع الرفق بالخلق والرحمة لهم، فلا يقتل إلا من لا صلاح له أصلاً، وعلى قدر الجبروت يحصل القهر، فلأجل ذلك هو يدبر أمره بمثل هذه الأمور التي توجب نصره وتعلي قدره مع الرفق بقومه وجميل الصنع لأتباعه، فلا بد أن تروا من فتوح أكثر البلاد وقهر الملوك الشداد ما تعرفون به قدرة الله سبحانه وتعالى.
ولما كان في سياق إحاطة العلم، وكان التقدير : شهد ربه سبحانه بتصديقه في كل ما قاله بإظهار المعجزات على يده، بنى عليه قوله تعالى ﴿وكفى بالله﴾ أي الذي له الإحاطة بجميع صفات الكمال ﴿شهيداً *﴾ أي ذا رؤية وخبرة بطية كل شيء ودخلته لما له الغنى في أمره، ولا شهيد في الحقيقة إلا هو سبحانه لأنه لا إحاطة وخبرة ورقبة إلا له سبحانه، وهو يشهد بكل ما أخبر به رسوله ﷺ في هذه الصورة خصوصاً وفي غيرها عموماً.
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (٢٩)
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢١٣


الصفحة التالية
Icon