وأصله في الصحيح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما وفي الدارمي عن كعب هذا، ولأصحاب الفتوح عن سمرة بن حوشب عن كعب قال : قلت لعمر رضي الله عنه وهو بالشام عند انصرافه : يا أمير المؤمنين! إنه مكتوب في كتاب الله " إن هذه البلاد التي كان فيها بنو إسرائيل وكانوا أهلها مفتوحة على رجل من الصالحين، رحيم بالمؤمنين شديد على الكافرين، سره مثل علانيته، وعلانيته مثل سره، وقوله لا يخالف فعله، والقريب والبعيد عنده في الحق سواء، أتباعه رهبان بالليل أسد بالنهار، متراحمون متباذلون " فقال عمر : ثكلتك أمك أحق ما تقول ؟ قلت : أي والذي أنزل التوراة على موسى والذي يسمع ما نقول! إنه لحق، فقال عمر : فالحمد لله الذي أعزنا وشرفنا وأكرمنا ورحمنا بمحمد ﷺ ورحمته التي وسعت كل شيء - هذا على أن المراد بالمثل الوصف، ويمكن أن يكون على حقيقته، ويكون الذي في التوراة ما ترجمته " هم على أعدائهم كقرن الحديد وفيما بينهم في النفع والتواصل كالماء والصعيد، ولربهم كخامة الزرع مع الريح والصديق النصيح، وفي الإقبال على الآخرة كالمسافر الشاحب والباكي الناحب " فعبر عنه في كتابنا بما ذكر.
ولما ذكر مثلهم في الكتاب الأول، أتبعه الكتاب الثاني الذي هو ناسخ ليعلم أنه قد أخذ على كل ناسخ لشريعته أن يصفهم لأمته ليتبعوهم إذا دعوهم فقال :﴿ ومثلهم في الإنجيل ﴾ أي الذي نسخ الله به بعض أحكام التوراة ﴿ كزرع ﴾ أي مثل زرع ﴿ أخرج شطأه ﴾ أي فراخه وورقه وما خرج حول أصوله، فكان ذلك كله مثله.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢١٣


الصفحة التالية
Icon