ولما كان ذلك أعظم مذكر للبصراء بالبعث والجميع صفات الكمال، أتبعه ما له من التذكير بالبعث بخصوصه فقال :﴿وأحيينا به﴾ أي الماء بعظمتنا ﴿بلدة﴾ وسمها بالتاء إشارة غلىأناه في غاية الضعف والحاجة إلى الثبات والخلو عنه، وذكر قوله :﴿ميتاً﴾ للزيادة في تقرير تمكن الحاجة فيها.
ولما كان هذا خاصة من البعثن قال على سبيل النيجة :﴿كذلك﴾ أي مثل هذا الإخراج العظيم ﴿الخروج *﴾ الذي هو لعظمته كأنه مختص بهذا المعنى، وهو بعث الموتى من قبورهم على ما كانوا عليه في الدنيا، لا فرق بين خروج النبات بعد ما تهشم في الرض وصار تراباً كما كان من بين أصفره وأبيضه وأحمره وأخضره وأزرقه إلى غير ذلك، وبين إخراج ما تفتت من الموتى كما كانوا في الدنيا، قال أبو حيان : ذكر تعالى في السماء ثلاثة : البناء والتزيين ونفي الفروج، وفي الأرض ثلاثة : المد وإلقاء الرواسي والإنبات، قابل المد بالبناء لأن المد وضع والبناء رفع، وإلقاء الرواسي بالتزيين بالكواكب لارتكاز كل واحد منها - أي على سطح ما هو فيه، والإنبات المترتب على الشق بانتفاء الفروج، فلا شق فيها، ونبه فيما تعلق به الإنبات على ما يقطف كل سنة ويبقى أصله، وما يزرع كل سنة أو سنتين ويقطف كل سنة، وعلى ما اختلط من جنسين، فبعض الثماء فاكهة لا قوت، وأكثر الزرع قوت والثمر فاكهة وقوت.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٥٠